تابعنا على الفيسبوك

الخميس، 31 أكتوبر 2013

الرواية في اللغة العربية

الرواية : نشأتها وتطورها في البلاد العربية


تمهيد: الأدب استعمل العرب لفظ الأدب للدلالة علی معان مختلفة «فقد دلّت في عهد الجاهليّة علی الدّعاء إلی المأدبة، کما دلّت في الجاهلية والإسلام علی الخلق النبل الکريم ... ثم أطلقت علی تهذيب النفس وفي القرن التاسع وما بعده استعملت للدلالة علی جملة العلوم والفنون ... ولمّا کان القرن الثاني عشر استعملت في الشعر والنثر...» 
الجاهلية:
«ذهب العلماء والمؤرخون مذاهب مختلفة في سبب إطلاق القران اسم «الجاهليّة» علی أحوال العرب قبل الإسلام، فقد قيل أنّها سميت کذلک لتفشّي الوثينة والجهل في العرب وقد قيل به لانتشار العداوت وسفک الدم.» ولكن ارتباط العرب بالقبائل المختلفة بسبب التجارة والحروب وتعامله باليهوديّة والنصرانيّة ومعرفة تعاليم التوراة والمصطلحات الدينيّة- کما جاء في کتب التاريخ والأدب- ينفي اتهام الجهل بمعني عدم الفهم.ولم يبق من الأدب في العصر الجاهلي شيئاً کثيراً، «ضاع أکثر الشعر والنثر الجاهليين حتی قال أبوعمروبن العلاء (770م) ما انتهی إليکم مما قالته العرب إلا أقلّه ولوجاءکم وافراً لجاءکم علم وشعر کثير.» 
النثر وبدايته في الأدب العربي
«قد ذهب مؤرخو الأدب في تحديد تاريخ ظهور النثر الفني ... وقال بعضهم إنّه ظهر قبل القرآن بقليل وصاحب ظهور القرآن ثم نما وازدهر أن اُقرّه عبد الحميد الکاتب وابن المقفّع وقال البعض الآخر إنّ النثر الفنّي لم يعرف عند العرب إلا مع عبد الحميد وابن المقفّع ...» ]ينقسم النثر إلی نوعين، النثر الإيجازي والنثر التفصيلي وينقسم النثر الإيجازي إلی أنواع.
أ- الخطابة
«هذا اللون من ألوان النثر، فقد کان من أهم وسائل تنمية الوعي وإنضاجه، کما کان من أهم وسائل التعبير عن الدعوات الإصلاحيّة والسياسة والاجتماع
ب- التوقيعات
«التوقيعات عبارات موجزة کان يکتبها الخليفه أو الموالي أوعمالّها في أسفل الشکاوى والمظالم، أوالمطالب والحاجات ... وکانت هذه التوقيعات عناية في البلاغة والإيجاز.
ج- الرسائل
«أخذت الکتابة تنتشر شيئاً فشياً بعد ظهور الإسلام، لامتداد سلطان العرب وحاجة الخلفاء والولاة ورؤساء الأحزاب إلی الاتصال يهتمهم أمرهم، فإنّ أکثر مصالح الدولة واختلاف الآراء في هذه المصالح وظهور التنافس بين الأحزاب دعت إلی الاهتمام بالکتابة ... وتعدّدت الرسائل الدينيّة والسياسيّة.
النثر التفصيلي في عهد الراشدي حتّی عهد العباسي
«حينما امتزج سلطان العرب بغيرهم من الشعوب المختلفة، تحوّل وتوّسع النثر الإيجازي وتبّدل بالنثر التفصيلي وتعدّدت فنون الکتابة کالمقالات والمناظرات والقصص والحكايات..
القصة وانواعها في الأدب الجاهلي
القصة لغة واصطلاحا:
«قص أثره: يقصه قصا وقصيصاً ... کما جاء في اللسان والصحاح وفي التهذيب: القص اتباع الأثر ويقال خرج فلان في إثر فلان وقصا وذلک إذا اقتص إثره.. القصة هي «الفن الذي نعرفه اليوم بهذا الاسم بين الأجناس الأدبية قد أطلقها العرب علی عدّة الأشياء وأطلقوا أسماء هذه الأشياء عليها وهي الحديث والخبر والسمر والخرافة  و«تضمنت قصص الجاهليّة قصصاً فنية وأسطوريّة وواقعيّة، تصور معارک العرب وحروبهم وأساطيرهم وتروي أخبارهم وسير ملوکهم وتنتقل عن الأمم المجاورة لهم وعن الشعوب التي اتصلوا بها ... وامتزج کل هذا بالقصص العربية ..
أ- أيام العرب
«هي تدور حول الوقائع الحربيّة التي وقعت في الجاهليّة بين القبائل، کيوم داحس والغبراء ويوم الفجار والکلاب وبين العرب والأمم الأخری کيوم ذي قار ... وکانت هذه القصص موضوع العرب في سمرهم في جاهليّتهم وفي إسلامهم
ب- أحاديث الهوى
«وهناک نوع من قصص العرب أخذوه من الأمم الأخری وصاغوه في قالب يتفق ذوقهم....ثم «نما الفن القصصي العربي مع الفتح الإسلامي وتقدم مع اتصال العرب بالشعوب الأخری وتحركهم عبر البحار والمحيطات والقارات، وامتزج الثقافة العربية بالثقافات الأجنبيّة والمعارف الواقعيّة والعلميّة التي اکتسبها العرب في رحلاتهم التجارية والحربية والثقافيّة والدينيّةالقصة الفنية في الأدب العربي قبل العصر الحديث «لم يکن القصة قبل العصر الحديث شأن يذکر، بل کان لها مفهوم خاص، لم ينهض بها، ولم يجعلها ذات رسالة اجتماعيّة وإنسانيّة ولابد أنّه کانت للعرب حکايات يتلهون بها ويسمرون ولو عددنا مثل هذه الحکايات قصصاً، لکانت القصة أقدم صورة للأدب في العالم، لأنّ کل الشعوب الفطريّة تسمرعلی هذا النحو البدايي، ولکن مثل هذه القصص إذا کانت لها دلالة شعبيّة، فليست لها قيمة فنيّة حتّی تعد جنساً أدبياً.
و إنّ «عيون الأدب العربي التي نمت بصلة للقصة في فنها وغرضها هي قسمان : مترجم الدخيل وعربي الأصيل ونذكر من النوع الأول، "كليلة ودمنة"، ثم "ألف ليلة وليلة" ومن النوع الثاني نعرف "المقامات" و"رسالة الغفران" و"حي بن يقظان
النوع الأول: کليلة ودمنة
«هوکتاب وضع علی ألسنة البهائم والطير حوی تعاليم أخلاقية، موجّهة أولاً إلی الحکام ... لقد اختلف المؤرخون في أصل کتاب کليلة ودمنة، فذهب بعضهم إلی أنّ ابن المقفّع وضعه ... وقيل إنّه لم يضعه، وإنمّا کان بالفارسية فنقله إلی العربية ..
ب- ألف ليلة وليلة
إنّ «قصص، "ألف ليلة وليلة" مدوّنة في عصور مختلفة، ومن المقطوع به إنّ الکتاب معروف بين المسلمين قبل منتصف القرن العاشر الميلادي، وفي الکتاب قصص شعبيّة متأثرة بآداب شتّی علی أنّه يحتمل أن يکون في بعض قصص، ألف ليلة وليلة، تأثير يوناني. 

النوع الثاني

أ- المقامة
«المقامة في معناها الأصلي، "المجلس" ثم أطلقت علی ما يحکي في المجلس، وهي قصة قصيرة تشتمل علی مغامرات تروى في شبه حوار درامي، يقوم بحکايتها راوعن بطل شجاع مقدام، يقتحم الأخطار وقد يکون ناقداً اجتماعيّاً أو سياسيّاً أو فقيهاً في اللغة والدين... و"بديع الزمان الهمذاني" المتوفي عام 318 هـ، أول من ابتکر هذا النوع من المقامات ... وبعد بديع الزمان جاء "الحريري" في القرن السادس الهجري.
ب- رسالة الغفران
«التي ألّفها، "أبولعلاء المعري" المتوفی عام (441 هـ، 1059 م)، فهي رحلة تخيلها أبوالعلاء في الجنة، وفي الموقف وفي النار، ليحلّ في عالم خياله مسائل ومشکلات ضاق بها في عالم واقعه، من العقاب والثواب والغفران أوعدم الغفران، مع کثير من المسائل الأدبيّة واللغويّة التي يوردها مورد الساخر تارةً والناقد اللغوي المتبحر تارةً أخری.»
ج- قصة حي بن يقظان
«قصة "حي بن يقظان" لابن طفيل (110 هـ، 1886 م) وموجز القصة أنّ في جزيرة مهجورة من جزر الهند دون خط الأستواء نشأ طفل لا يعرف أباً ولا أماً، يسمی حي بن يقظان، فربّته غزالة حسبته ولدها المفقودة ... وفي قصة حي بن يقظان جوانب نضج قصصي في الشرح والتبرير والإقناع ...وعدها كثير من النقاد خير قصة في العصور الوسطی.

نشأة القصة قبل العصر الحديث

إنّ التغيير في الحالة الاجتماعيّة والاقتصاديّة والثقافيّة والأدبيّة لأي بلد ترتبط ارتباطاً مباشراً بالأوضاع السياسيّة الحاکمة علی هذا البلد، تارةً ينتهي إلی الخضوع أمام السياسة المسيطرة، وتارةً ينتهي إلی الخلاف مع السياسة الحاکمة وبالتأکيد يتأثر هذه الاتجاهات علی النظام الاجتماعي والأدبي ... ولذلک نبحث حول نشأة القصة قبل عصر الحديث ومدى تأثرها عن الأوضاع السياسة الحاکمة.
«کانت القرون الثلاثة التي سيطر الحکم الترکي علی مصر، قد عملت عملها في إغماض العيون، وتکبيل العقول وعقل الإرادات، وعقد الألسنة ... تعطلت الحرکة الأدبية بل تحجرت وانحرفت اللغة العربية، بل فسدت... وأغلب النتائج الأدبية لتلک الفترة تدور حول المدائح النبويّة والأمور الإخوانيّة ... علی أنّ روح المصريّة ... کانت تلوح في بعض نماذج الفصحی... التي کان منها الديني کسيرة "السيد البدوي" ... أوقصة، "سيدنا علي ورأس الغول"...ومنها التاريخي البطولي مثل "أبي زيد الهلالي"...
«قد تأثر فن القصة بالأدب الغربي في العصر الحديث في أطوار متعاقبة مع تأثره عن الأدب القديم وبخاصة المقامة والخرافات والقصص علی لسان الحيوان وأوضح مثل للتأثر بفن المقامة هو "حديث عيسی بن هشام"، "لمحمّد المويلحي" وفيه امتزاج تأثير فن "المقامة" بالتأثير الغربي ... وفي قصة "لادسياس" لشوقي، تظهر عنايته بالتعبير ثم اعتماده في تطور الأحداث...»
و«في الطور الثاني من ميلاد الأدب القصصي في عصرنا الحديث أخذنا- في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل العشرين- تتخلّص قليلاً قليلاً علی الاعتماد علی التراث العربي القديم وبدأ الوعي الفني ينمي جنس القصة من موردها الناضج في الآداب الأخری، وقد بدأ هذا الطور بدءاً طبيعياً بتعريب موضوعات القصص الغربية وتكييفها لتطابق الميول الشعبيّة أو لتساير وعي جمهور المثقفين...] «ثم نضج الوعي الأدبي، ونهض الجمهور ثقافياً، فتطلب الترجمة الصحيحة وقد قام بها کثير ممّن أسدوا إلی الأدب واللغة خدمة عظيمةً ونذکر من هؤلاء الدکتور "طه حسين"، والدکتور"عبد الرّحمن البدوي" والأستاذ "عبد الرّحمن صدقي" ...» 

ميلاد القصة القصيرة

«وإذا کانت قصص المنفلوطي، التي احتواها کتاب «العبرات» تمثل الريادة الأولی غير الناضجة لفن القصة القصيرة، فانّ قصص محمّد تيمور، التي ضمتها مجموعة، "ما تراه العيون"، تمثل الريادة الناضجة والأدنی إلی الكمال في هذا الفن . فهي خطوة تالية لخطوة المنفلوطي... وأولی قصص محمّد تيمور هي قصة، "في القطار" التي نشرها سنة 1917م والتي تمثل ميلاد القصة القصيرة الفنيّة في الأدب المصري الحديث.»
وبعد هذا وصلت القصص إلى استقرار و«كان من مظاهر هذا الاستقرار، نمو القصة القصيرة ونضجها وملامحها حتی صارت كائناً قوياً... وكان ذلك بفضل جيل من الرواد الذين اهتموا بالقصة القصيرة... من أمثال، "عيسی عبيد"، "محمود تيمور"، "محمود طاهر لاشين"، كما أسهم في هذا الفضل بعض الكتاب المرموقين ممن كان لهم نشاط كبير في ميادين عديدة مثل "إبراهيم المازني"، "توفيق الحكيم"، كما أسهم في هذا الفن بعض شباب الأدب في ذلك الحين، ممن سيكون لهم شأن كبير في ميادين عديدة من ميادين الأدب مثل "نجيب محفوظ"...» 
وأخيراً «بدأت القصة العربيّة تتأثر بالاتجاهات الفلسفيّة والواقعيّة في معالجة الحقائق الكبری أو المشكلات الاجتماعيّة نقتصر هنا علی التمثيل بقصة، «أنا الشعب»، لمحمّد فريد أبي حديد وقصة الأُستاذ توفيق الحكيم، "عودة الروح" وقصة، "الأرض" لأُستاذ "عبد الرّحمن الشّرقاوي" ... وكذا قصص الأُستاذ "نجيب محفوظ"...» 
الفارق الأساسي بين القصة القديمة والحديثة
والفارق الأساسي بين القصة القديمة والحديثة يرجع إلی الأفكار الحاكمة في حياة «القصة القديمة تدور في إطار عالم مثالي أو خرافي أو وهمي،‌ بعيد إلی حد كبير عن حقيقة الحياة التي يحياها أوسط الناس وأدناهم اجتماعياً، أما القصة الحديثة فقد أفسحت الجبال وفتحت الباب واسعاً - باب فنون القص- ليحتل مكان الصدارة فيها الإنسان العادي البسيط ..

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More